أطلق مصطلح "حقيبة الفن" على الغناء في تلك الحقبة من مراحل الغناء السوداني نسبة إلى كلمة حقيبة وهي ترجع في الأصل إلى أن كل من المغنين والعازين كانو يحملون معداتهم في حقائب عند توجهم لإقامة حفل معين حيث عرف الناس هذه الحقيبة الوعاء بحقيبة الفن
ويقـول مصدر آخر
حقيبة الفن إسم راسخ في وجدان الشعب السوداني كمفهوم لأغاني حقبة معينة وثرة من تاريخ الغناء واستمرت من العقد الثاني الى بداية العقد الخامس من القرن الماضي بالسودان.
وإنداح الأسم ليشمل شعراء وفناني الحقيبة من رواد الفن الأوائل فأصبحنا نقول في عفوية شعراء الحقيبة أنفسهم فأرتضوا هذا الاسم فنجد في ديوان الشاعر عبدالرحمن الريح قصيدة بعنوان ( شعراء الحقيبة ) يقول في مطلعها :
يـاحقيـبة الفـن الأصيـــل
أنت راقية وشعرك جميل
وفي البداية لابد من تعريف جامع ومانع لما يعرف بأسم حقيبة الفن وللوصول الى ذلك فلا بد من الإجابة على بعض الاسئلة التي تفرض نفسها .
.اولها هل تعني أغنية الحقيبة تلك الأغاني التي صاغ كلماتها شعراء الحقيبة الذين ذكرهم الشاعر عبيد عبدالرحمن في قصيدة أمثال صالح عبدالسيد ابو صلاح وسيد عبدالعزيز وخليل فرح ومصطفى بطران ولى المساح وابراهيم العبادي ومحمد ود الرضى وعبيد عبدالرحمن ومحمد بشير عتيق وغيرهم الذين اعتذر لهم لعدم تمكنه من صياغة أسمائهم في القصيدة .
الأجابة على هذا السؤال بالايجاب ليست بشافية ذلك أن بعض هؤلاء الشعراء قد أمتدت بهم العمر فتغنى بكلماتهم فنانون حديثون أمثال ابراهيم الكاشف وعبدالحميد يوسف وحسن عطية وعثمان الشفيع والتاج مصطفى وعثمان حسين وابراهيم عوض وعمر احمد واحمد الجابري ورمضان حسن ومنى الخير ومحجوب عثمان وصالح سعد وغيرهم .
والسؤال الثاني الذي يطرح نفسه هو هل نعني بأغاني الحقيبة تلك الاغاني التي قام بتلحينها وأدائها وتسجيلها على اسطوانات مايعرف بفناني الحقيبة أمثال الحاج محمد أحمد سرور وعبدالله الماحي والأمين برهان وعمر البنا وخليل فرح وعبدالكريم عبدالله مختار وغيرهم.
والإجابة بالإيجاب تعجز مرة أخرى عن تحديد أغنية الحقيبة لنفس السبب المذكور أعلاه .وقد أتفق النقاد على أن أغاني الحقيبة تبدأ بتلك النقلة التي أحدثها الحاج محم أحمد سرور عام 1920 م عندما إستغنى عن الطنابرة وأعتمد على الكورس ثم أدخل ألة الرق والمثلث وتنتهي بالنقلة للغناء الحديث بمصاحبة الفرق الموسيقية وادخال اللزمة الموسيقية التي ادخلها الفنان العبقري ابراهيم الكاشف في مطلع الاربعينات ولذلك فأنها تعرف بأغنية مابين الحربين العالميتين الأولى والثانية وتعرف أيضاً بأغنية أمدرمان العريقة وكانت بيوت الافراح بأمدرمان هي مسرح تلك الاغاني وبالطبع فأن أغاني الحقيبة لاتمثل بداية الغناء في السودان ومن قبلها كانت أغاني السيرات والدوبيت والحداء وأغاني التراث كالمناحات والحماسة وأهازيج العمل الجماعي والحصاد وأغاني المهد للأطفال ونغمات المديح وإنشاد الذكر وإيقاعات الطار والدلوكة والنوبة و تقول الجدات والحبوبات عند المبالغة في القدم أن هذا الشئ أقدم من العديل والزين .
وقد تكون أغاني الحقيبة هي بداية الغناء الحديث بأمدرمان . وكان الاستاذ الدبلوماسي والشاعر الإعلامي صلاح احمد محمد صالح قد خشى على هذا التراث من الاندثار فافرد له برنامجاً بإذاعة أمدرمان عام 1945م أطلق عليه اسم ( من حقيبة الفن ) وظل البرنامج يقدم بالإذاعة منذ ذلك التاريخ إلى يومنا هذا وقد تعاقب على تقديمه عدد من الاعلاميين اشهرهم الأستاذ علي محمد شمو والمبارك أبراهيم والسر محمد عوض والأستاذ عوض بابكر الذي لايزال يواصل اعداد وتقديم البرنامج باسم حقيبة الفن .
وجدير بالذكر أن أسم حقيبة الفن ليس تصنيفاً لأغاني تلك الحقبة ولكنه أسم خطر على بال مبتدعه الأستاذ صلاح محمد صالح , أما التصنيف العلمي والفني لأغاني تلك الفترة هو ( المدرسة الفنية الأولى) كما يقول بروفيسور الفاتح طاهر في كتابه ( أن امدرمان تاريخ الموسيقى في السودان ).